السلام عليكم ورحمة المنان.. أنا أم لي فتاتين توأم في الرابعة عشر من العمر وولد في السنة الأولى من العمر توفى والدهم منذ أربعة اشهر بعد معاناة من المرض الخبيث
كان رحمة الله عليه صاحب شخصية قوية وإدارية فكل شيء كبير او صغير نرجع له فيه وكنت أربي بناتي على هذا الشيء بأن القرار اول وأخيرا بيد والدكم
كنت أشاركه في قرارت حياتنا ولكن بيني وبينه ثم أبين لهم أن هذا الأمر من والدهما
الآن بعد وفاة والدهم أصبحت كل واحدة منهم تريد أن تتصرف كم تريد ولا تقبل ان امنعها ويتصرفون في امور كثيرة وإذا قمت بالتوجية او منع احداهن من شي تقلب الدنيا وكأني أجرمة
لا ادري كيف أتعامل معهم أشعر وكأنهم ليس بناتي لا اعلم هل اكون حازمة معهم.
كما كان يتعامل معهم والدهم او اتعامل بتغافل؟ كل من حولي يطلبون مني ان اتركهم مراعاة لحالتهم النفسية وما يمرون به ولكن أخشى أن يفلت الزمام!
ما أشعر به أنهم غير متقبلين كيف كنت من تتلقى معهم الاوامر وتساعدهم الى ان يحصلوا على مايريدون الى من تأمر الان وتمنعهم
أرجو ان تساعدوني كيف استطيع ان اجتاز بهم هذه المحنة وكيف اتعامل معهم بعد وفاة ولدهم وابني الصغير كيف لا اجعلها تؤثر على حياتهم لديهم اهل والدهم واهلي في غاية الاهتمام بهم
والحمد لله كل شيء متوفر لهم نفسيتي جد سيئة ولكن اتظاهر لهم بأني بخير ولكني أتألم بصمت لحالي وحالهم
أختي الكريمة:
إنا لله وإنا إليه راجعون، وأسأل الله عز وجل أن يرحم زوجك ويسكنه فسيح جناته.
وأسأله كذلك أن يعظم أجرك في مصيبتك بفقد الزوج ووالد الأبناء، وأن يعوضك خيرًا، وأن يعينك على تربية أبنائك وعلى أعباء الحياة من بعده، وبعد..
فابنتاك يا أختي الكريمة في بدايات مرحلة المراهقة، وهي مرحلة معروف لدى الكافة خصائصها.
وما تتميز به من صراعات داخل النفس ومع الأسرة والمجتمع، والرغبة في الشعور بالنضج والاستقلالية والحرية، وإنفاذ الرأي، والعيش وفق الهوى، ومحاولة كسر الحدود والقيود أيًّا كان نوعها.
ولا تتصوري أن ما فيه ابنتاك الآن بسبب رحيل الوالد، وأنه نتاج حالة نفسية كما يصور لك بعض من حولك، فليس هذا صحيحًا ألبتة.
ولكنه كما قلت لك ظواهر طبيعية لهذا السن، وإنما رحيل الوالد قد يؤثر سلبيًّا فقط في فقد أحد جناحي الأسرة الضرورين لحماية الأبناء من شطط هذه المرحلة ومشكلاتها.
ويعملان على التوجيه والإرشاد والنصح والتربية لهما حتى يمرا من هذه المرحلة بسلام، وهو ما يحملك عبئًا إضافيًّا لتحملك جهد الجناحين معًا.
لذا لا تستجيبي أبدًا لنصيحة من يطلب منك تركهما وما يفعلان من أخطاء مراعاة لحالتهما النفسية، فإنهما مع الوقت قد تستمرئان تلك الأخطاء وتشبان عليها ويصعب تغييرها فيما بعد.
والحل يتلخص في النقاط التالية:
1- أولًا وأخيرًا أكثري من الدعاء لله عز وجل أن يعينك على تربيتهما ويصلحهما.
2- سلحي نفسك بالثقافة التربوية، وذلك بالقراءة في كتب التربية واستشارة أولي الخبرة.
3- علمي بنتيك الحلال والحرام، وعلميهما أحكام الشريعة، إما بنفسك أو عن طريق مربٍّ، فهي الزاد الذي سيعينهما على تخطي الكثير من المواقف والأحداث.
4- احرصي على الاقتراب منهما والاستماع إليهما والحوار معهما بشكل متواصل، كأنك صديقة ولست أمًّا، وتشجيعهما على ذلك.
ومن حسن الحظ أنهما بنتان وليسا ولدان، فيمكنك التقارب معهما وتفهمما بسهولة.
5- إظهار التقدير لوجهة نظرهما ولو كانت خاطئة، وعدم تسفيه آرائهما، مع محاولة تعديلها بالحوار والإقناع.
6- إشعارهم الدائم بالحب والخوف عليهما والرغبة في الخير لهما دون افتعال ولا تكلف.
7- عدم التدليل الزائد والحذر من المسارعة في تلبية كل ما تطلبانه، بل اعرفي متى تعطين ومتى تمنعين، واطلبي ممن حولك من الأقارب أو الأصدقاء مساعدتك على هذا وعدم التجاوب مع مطالبهما المبالغ فيها أيًا كانت مادية أو غيرها.
8- المرونة والتوازن بين الحزم والشدة وبين اللين والتدليل.
9- إياك ومقارنتهما مع الأخريات، فإن هذا أكثر ما يستفز المراهق والمراهقة، ولكن مقبول أن توجهيهما بشكل غير مباشر للصحبة الصالحة من الفتيات.
10- عززي فيهما الصفات الإيجابية، بالثناء عليهما وتشجيعهما للاستمرار على الأعمال الحسنة.
11- التعرف على صديقاتهما جيدًا داخل محيط المدرسة والأسرة وخارجهما، والتدخل إن لزم الأمر بشكل عقلاني إن لاحظت وجود فساد داخل هذه البؤرة.
12- اعملي على دعم هواياتهما وتنميتها وتشجيعهما على ممارستها لشغل أوقات الفراغ بشيء نافع ومفيد، وشاركيهما في هذا لزيادة القرب والثقة.
13- مراقبة تعاملهما مع وسائل الإعلام والاتصال بشكل غير مباشر، ومناقشة كيفية التعامل مع هذه الوسائل بما ينتج أعظم الفائدة منها ويجنبهما أضرارها.
14- التأكيد دائمًا في أي نقاش بينكما على أن الهدف هو الحفاظ عليهما وتجنيبهما الأخطاء دون إشعار بالوصاية أو تصيد الأخطاء.
15- وفري لهما دائمًا مساحة من حرية الاختيار وأخذ القرارات بالتشاور معهما فيما يخص أمورهما الشخصية.
وفقك الله أختي الكريمة لما يحبه ويرضاه، وأعانك ويسر أمرك.
الكاتب: أ. فتحي عبد الستار
المصدر: موقع المستشار